من صور التَّواضُع

من صور التَّواضُع :

- تواضع الإنسان في نفسه : 

ويكون ذلك بألَّا يظنَّ أنَّه أعلم مِن غيره، أو أتقى مِن غيره، أو أكثر ورعًا مِن غيره، أو أكثر خشية لله مِن غيره، أو يظنُّ أنَّ هناك مَن هو شرٌّ منه، ولا يظنُّ أنَّه قد أخذ صكًّا بالغفران !! وآخر بدخول الجنَّة !! لأنَّ القلوب بين إصبعين مِن أصابع الرَّحمن، يقلِّبها كيف يشاء، يقول الله تعالى : " وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ " [الأنفال: 24] .
وقال أبو زيد : ما دام العبد يظنُّ أنَّ في الخَلْق مَن هو شرٌّ منه فهو متكبِّر، فقيل له: فمتى يكون متواضعًا ؟ قال : إذا لم ير لنفسه مقامًا ولا حالًا .
ومِن التَّواضُع ألَّا يَعْظُم في عينك عملك، إن عملت خيرًا، أو تقرَّبت إلى الله تعالى بطاعة، فإنَّ العمل قد لا يُقْبَل، " إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ " [المائدة: 27] ولهذا قال بعض السَّلف : لو أعلم أنَّ الله قبل منِّي تسبيحة لتمنَّيت أن أموت الآن !
ومِن ذلك : التَّواضُع عندما تسمع نصيحة، فإنَّ الشَّيطان يدعوك إلى ردِّها، وسوء الظَّنِّ بالنَّاصح؛ لأنَّ معنى النَّصيحة أنَّ أخاك يقول لك : إنَّ فيك مِن العيوب كيت وكيت .

أمَّا مَن عصمه الله تعالى فإنَّه إذا وجد مَن ينصحه ويدلُّه على عيوبه، قهر نفسه وقبل منه، ودعا له وشكره، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم، في تعريف الكِبْر : ((الكِبْر : بَطَر الحقِّ، وغمط النَّاس)) [رواه مسلم] .
يعني : ردُّ الحقِّ، وبخس النَّاس أشياءهم، فالمستكبر صاحب نفسيَّة متعاظمة لا يكاد يمدح أحدًا أو يذكره بخير، وإن احتاج إلى ذلك شفعه بذكر بعض عيوبه .
أمَّا إن سمع مَن يذكره ببعض عيوبه فهيهات أن ينصاع أو يلين، وما ذاك إلَّا لمركَّب النَّقص في نفسه، ولهذا كان مِن كمال الإنسان أن يقبل النَّقد والملاحظة بدون حساسيَّة أو انزعاج أو شعور بالخَجَل والضَّعف، وها هو أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يحمل الرَّاية، ويرفع الشِّعار : رحم الله امرءًا أهدى إلينا عيوبنا [رواه الدارمى] .

ایک تبصرہ شائع کریں

0 تبصرے