التَّصَـوُّفُ حــقٌّ

-((﷽))-
《 التَّصَـوُّفُ حــقٌّ 》

بِسمِ اللهِ الرَّحمـٰن الرَّحيم
الحمدُ للهِ وصلى اللهُ وسلّمَ على رسولِ اللهِ
أمّا بعدُ،

 فإنَّ التصوّفَ هو العِلمُ والعملُ. التصوُّفُ الحقيقيُّ هو العِلمُ (أي العلمُ بشرعِ اللهِ) والعملُ بِمُقْتَضاهُ. هذا هو التصوّفُ الحقيقيّ.
ليس كما يتَخَيّل كثيرٌ منَ الناسِ بأنَّ حقيقةَ التصوّفِ ثيابٌ بالِيةٌ ولِحْيةٌ طويلةٌ وسُبحةٌ طويلةٌ وعُكوفٌ في زاوية، ليسَ هذا هو حقيقة التصوّف.
وإنْ كانَ الصوفيّةُ عُرِفوا بالزّهادةِ في الدنيا لكنْ مُجَرّد الزّهادة في الدنيا ليس حقيقة التصوّف.
إنّما حقيقةُ التصوّف هو العِلمُ بشرعِ اللهِ والعملُ بِمُقْتَضى ذلك مع الزّهادةِ في الدنيا.
قدْ يزْهَدُ في الدنيا، يعني يكونُ مظهرهُ مظهر الزُّهادِ مَنْ ليسَ مؤمنًا، هذا ليسَ صوفيًّا حقيقيًّا. وقدْ يكونُ مظْهَرُهُ مظْهَرَ الزّهادِ من اتّخذَ الزّهادةَ أو صورةَ الزّهادةِ عُدّةً للاحْتيالِ على الناس حتى ينالَ ما في جيوبِ الناس، بأيِّ طريق للاحتيالِ عليهم، كما يقولوا "عدة الشُّغُل".
أحيانًا المحتال تكونُ عدّة شغله سيجار وسيارة فخمة، وأحيانًا تكونُ عدّة المُحتالِ إظهار المَسْكَنةِ والزّهادة، وكِلَيْهِما يريدُ أنْ يحْتالَ على الناسِ ليَأخذَ أموالَهُمْ بالباطلِ.
فإذًا التصوّفُ الحقيقيُّ هو العِلمُ بشرْعِ اللهِ مع العملِ بمُقْتَضى ذلك مع الالْتِزامِ بشرْعِ اللهِ تعالى.
وطرُقُ أهلِ الله، يعني أحبابِ اللهِ الأولياء، نحو أربعين طريقة.
الأصلُ في هذه الطرقِ والأصلُ في التصوّفِ هو الإيمانُ.الأصلُ الأولُ هو الإيمان. فالصوفيُّ وصاحبُ الطريقةِ أوْ مُتّبِع الطريقة الأصلُ الأهمُّ والأساسُ هو أنْ يكونَ مؤمنًا، بدونِ إيمانٍ كلُّ ما يفعَلُهُ ليسَ مقْبولًا عندَ الله.
الإيمانُ يعني الإيمانُ باللهِ والإيمانُ برسولِهِ صلى الله عليه وسلم.
الإيمانُ باللهِ يتلَخّص بالإيمانِ بوجودِهِ سبحانَهُ وتعالى مع تنزِيهِهِ عنْ مُشابهةِ الخلقِ وتنْزِيهِهِ عنِ المكانِ واعتقاد أنهُ لا خالِقَ إلّا الله سبحانَه، وأنّهُ لا يحصُلُ شىءٌ في هذا الكوْنِ منْ حركةٍ أوْ سكونٍ منْ خيرٍ أوْ شرٍّ إلّا بمشيئتِهِ سبحانَهُ وبتَقْدِيرِه.
تنزيهُ اللهِ عنْ مشابهةِ الخَلقِ يعني أنّنا نعتقدُ أنَّ اللهَ تعالى لا يشْبِهُ شيئًا منْ خلْقِهِ، ليسَ نورًا بمعنى الضوء، ليسَ ظلامًا، لا يُشبهُ الإنسانَ لا يشبِهُ الجنّ لا يُشبِهُ الملائكة، ليسَ جسمًا كثيفًا كالحجرِ أو الشجر وهو ما يُضْبَطُ باليد، يعني يُمْسَك باليد، ولا جسمٌ لطيفٌ مثل الهواءِ والنور وهو ما لا يُضبَطُ باليدِ يعني لا يُمسَكُ باليدِ.
النور جسم لكنْ جسم لطيف، والحجر جسم لكنّه جسمٌ كثيفٌ. الهواءُ جسمٌ وكلُّ جسمٍ محدود لهُ كمية لهُ حدود لهُ مقْدار، واللهُ تعالى لا يُشبِهُ ذلك ليسَ جسمًا كثيفًا ولا جسمًا لطيفًا ولا يوصَفُ بالكميةِ ولا بالحدودِ ولا بالمِقدارِ. مهما تصَوَّرتَ ببالِكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلك.
وتنزيهُ اللهِ عنِ المكانِ معناهُ أنَّ اللهَ تعالى لا يَحْويهِ مكانٌ بالمرةِ. ماذا يعني؟ يعني ليسَ في مكانٍ لا نَعْرِفُهُ وليسَ في مكانٍ ينتَقِلُ منهُ إلى مكانٍ ومنهُ إلى مكانٍ، وليسَ في كلِّ مكانٍ، بلْ نَنْفي عنِ اللهِ التّحَيُّز في المكان لأنَّ التّحَيُّزَ في المكانِ يقْتَضِي أنْ يكونَ لهُ حدود ولهُ مِقدارٌ ولهُ مِساحة، وكلّ ما لهُ مِقدار ومِساحة وحدود يكونُ مخلوقًا.
بعضُ الناسِ طويل وبعضُهُم قصير وبعضُهمْ أطْول منْ بعضٍ، وبعضُهُم أعرض منْ بعض. هذا الطول والعرضُ والمِساحة هذا منْ علامات ومن صفات المخلوقات، منْ علاماتِ الحدوثِ ومنْ صفاتِ المخلوقات. واللهُ مُنَزَّهٌ عنْ ذلك.
كلَّ هذا مَفْهومٌ منْ قولِهِ سبحانَهُ وتعالى: { ليسَ كَمِثْلِهِ شىءٌ }
معنى { ليس كمِثْلِهِ شىء } يعني اللهُ تعالى لا يُشبِهُ شيئًا مِنْ خلْقِهِ ولا يُشْبِهُهُ شىءٌ منْ خلْقِه ولا بأي وجهٍ من الوجوه.
لذلك قال الإمام ذو النّون المصري: "مهما تصوَّرْتَ ببالِك فاللهُ بخِلافِ ذلك"


❁ اِتّقوا الله تَسْعَدوا ❁

‏​✿✿​❁࿐❁✿​✿​
جَزَىٰ اللّٰـهُ خَيْرًا كُلّ مَنْ يدعَمُنَا، وَيُسَاهم بِنَشْر ، فَالدَّالُ علَى الخَيرِ كفَاعِلِه.


ایک تبصرہ شائع کریں

0 تبصرے