كُنْ في الدُّنيا كأنَّكَ غريبٌ أو عابِرُ سبيل


《 كُنْ في الدُّنيا كأنَّكَ غريبٌ أو عابِرُ سبيل》
كُنْ في الدنيا كأنكَ غريب.
الغريبُ كيفَ يكونُ حالُه في بلدٍ هو غريبٌ فيها؟ كُنْ هكذا في الدنيا. ثم زادَ النّبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ فقال له: "أو عابِرُ سبيل" عابِرُ السبيلِ أشدُّ ابْتِعادًا لأنّ الغريبَ قدْ يطولُ مُكثُه في البلد. 
إنسان قد يأتي غريبًا إلى بلد ويمكثُ فيها سنة أو سنتيْن وهو غريبٌ عنها، أمّا عابرُ السبيل يكونُ مرورُه سريعًا.

فقال عليه الصلاة والسلام لعبدِ اللهِ بنِ عمر: "كُنْ في الدنيا كأنكَ غريب"، لا ترْكَنْ إليها، لا تُحَدِّثْ نفسَك بطولِ الأملِ فيها، لا تُحَدِّثْ نفسَك بطولِ البقاءِ فيها، لا تعتَني بها، اجعلْ مَثَلَكَ كَمَثلِ الغريبِ أو أكثر منْ ذلك، اجعلْ مثَلكَ كَمَثلِ عابرِ السبيل، لأنّ عابرَ السبيلِ يكونُ مُتَهَيِّئًا بأسبابِ الارْتِحال، كيف تكون متهيِّئًا بأسباب الرحيل؟ تدارَكْ ما فات، إذا كان فاتَك شىء تدارَكْه، إذا كان لإنسانٍ عندَك حقٌّ أدِّهِ، إذا كان لإنسانٍ  عليكَ حق اسْتسْمِحْه.
تَزوَّدْ، انظرْ زادكَ وانظرْ راحِلتَك، جهِّزْ ما تحتاجُ للمسيرِ وجُدّ السَّيْر إلى الآخرة إلى ما يُرضي اللهَ تبارك وتعالى.
قال الوزير يحيى بنُ هُبَيْرة رحمه الله "في هذا الحديث ما يَدلُّ على أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حضَّ على التشَبُّهِ بالغريبِ" . لأنّ الغريبَ إذا دخل بلدةً لمْ يُنافِسْ أهلَها في مجالِسهم ولا يجزع أنْ يرَوْهُ على خِلافِ عادتِهم في المَلبوس. إذا كان لباسُه غيرَ لباسِهم الغريب لا يلتفتُ إلى هذا، وهكذا ينبغي أنْ يكونَ الإنسانُ في الدنيا لا ينافسُ أهلَ الدنيا ولا يُبالي أنْ يكونَ لباسُه على غيرِ لباسِهم إذا كان لباسُه فيه مرضاةُ اللهِ تبارَك وتعالى.
وكذلك عابرُ السبيلِ لا يتّخذُ دارًا ولا يُلِجُّ في الخُصومات مع الناس ولا يُشاحِنُهُم، ناظرًا إلى أنَّ لُبثَه معهم أيامٌ يَسيرة. وهكذا الإنسان في الدنيا.
فكلُّ أحوالِ الغريبِ وعابرِ السبيلِ في الدنيا مُسْتحَبّةٌ أنْ تكونَ للمؤمنِ في الدنيا لأنّ الدنيا ليست وطنًا له لأنها تحبِسُه عن داره.
ما الذي يمنعُ الطائع منْ دخولِ الجنة؟
الذي يمنعُه هو حياتُه في هذه الدنيا. 
مطلوبٌ منَ الإنسان أن يقصُرَ أملُه في الدنيا وأنْ يُغَلِّبَ طاعةَ اللهِ على هَواه.

واللهُ تبارك وتعالى أعلمُ وأحكم.

ایک تبصرہ شائع کریں

0 تبصرے