هو إمام المتكلّمين، وقامع المبتدعين، الذابّ عن حوزة الدين، وحجّة الله للمؤمنين، وفخر الإسلام والمسلمين، والعالم المتبحّر، قدوة الأنام، تاج المحقّقين، وشمسهم الساطعة، وقمرهم البازغ
أخذ الإمام العلوم الدينية النقلية والعقلية من والده وتلقَّى بعض العلوم عن المشايخ الآخرين حتى أكملها في شعبان المعظم سنة ١٢٨٦ هـ، وهو ابن ١٤ سنة، وأصبح عالماً مفسّرًا فقيهًا متكلّماً إماماً كبيرًا عظيمًا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وقد أجمع عدد كبير من العلماء على كونه عبقريًّا، تبدو مخايل عبقريّته منذ صباه فكان يستحضر كل ما يدرّسه أستاذه على الفور، فيقع الأستاذ في الحيرة الاستغراب.
حفظ الإمام القرآن الكريم في غضون شهر واحد، وهذا مما يدل على قوة ذاكرته، وما اقتصر على ذلك بل خلّف المصنفات في كلّ علم وفن.
صنّف أوّل كتاب "شرح هداية النحو" باللغة العربية في الثامن من عمره، ثم كتابًا آخر في الثالثة عشر من عمره، ثم ما زال يكتب ويصنّف حتى زاد عدد مصنفاته على الألف.
ونفس اليوم الذي أكمل فيه الدراسة اشتغل بكتابة الإفتاء، وأوّل ما أفتى عن مسألة الرضاعة، ثم عرضه على والده الذي كان مفتي "الهند" ففرح جدًّا لصحّة الجواب وفوّض إليه أمور الإفتاء كلّها فاستمرّ الإمام بالإفتاء إلى خمسين سنة تقريبًا...
أسماء بعض المشايخ والعلماء الذين أسند إليهم الإمام أحمد رضا خان الهندي رحمهم الله تعالى في الحديث والفقه وجميع العلوم والفنون.. كما ذُكر في المجلد الأول من جدّ الممتار على رد المحتار وذُكر فيها نبذة عن سيرتهم أيضاً:
(١) جدّه الأمجد إمام العلماء والصالحين المفتي الشيخ رضا علي خان النقشبندي الأفغاني.
(٢) شيخ الإمام في الطريقة، الشيخ السيد الشاه آل الرسول القادري المارَهْرَوي.
(٣) والده الكريم رئيس المتكلمين الشيخ المفتي نقي علي خان القادري.
(٤) حفيد شيخه الشيخ السيد الشاه أبو الحسين أحمد النوري.
(٥) الإمام الشيخ السيد أحمد بن زيني دحلان الشافعي المكي.
(٦) مفتي الحنفية بـــــــ "مكة المحميّة" الشيخ عبد الرحمن سراج المكي.
(٧) الشيخ حسين بن صالح جمل الليل المكي.
(٨) الشيخ العلامة عبد العلي الرامفوري.
٩) الشيخ الأستاذ غلام قادر بيك. رضي الله تعالى عنهم أجمعين وعنّا بهم آمين بجاه سيد المرسلين عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم...
ذهب الإمام أحمد رضا مع والده سنة ١٢٩٤ هـ قرية "مَارَهْره" إلى حضرة السيّد مجمع الطريقين ومرجع الفريقين من العلماء والعرفاء الأطاهر، ملحق الأصاغر بالأكابر، سيدنا الشيخ الشاه آل الرسول القادري المارَهْرَوِي رحمه الله تعالى فبايعه الإمام أحمد رضا في السلوك على الطريقة القادريّة، ونال منه الإجازة والخلافة في سلسلة الأولياء؛ وإجازة في الحديث وجميع الفنون أيضاً، وكان الشيخ آل الرسول من كبار تلاميذ الشيخ عبد العزيز الدهلوي رحمه الله تعالى...
أن الشيخ أحمد رضا خان كان متبحراً في علومٍ كثيرة،و في مواضيع مختلفة (72 موضوع)، من ضمنها - التفسير، الحديث، الفقه، الرياضيات، الجيولوجيا، علم الفلك، وإضافة إلى علوم أخرى ..
وكان رحمه الله و نفعنا به شديد الانتصار للدين، ولذا كان حريصاً في الدفاع والذبِّ عن حماه وخصوصاً فيما يتعلق في الجناب النبوي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وأصحابه، إلى جانب الحرص على عقيدة أهل السنة والجماعة، والرد على الشبهات؛ ولذلك كثرت مؤلّفاته ورسائله، حتى قاربت ألف كتاب وزيادة؛ وتنوّعت مواضيعها، وظهرتْ أهمّيتها لدى أهل العلم ومنها:
1. الدولة المكّيّة بالمادّة الغيبية وهو من أشهر مؤلفاته الذي استطاع أن ينتهي من تأليف الكتاب في غضون 8 ساعات بالحرم المكي الشريف ولم تكن بحوزته أي مراجع أو كتب أثناء التأليف. قامت جامعات عديدة مِنها جامعة الأزهر الشريف بمنح شهادة الدكتوراه لقيام الباحثين بإعداد رسالتهم البحثية عن أحمد رضا خان.
2. الفيوضات الملكيّة لمحبّ الدولة المكّيّة.
3. إنباء الحيّ أنّ كلامه المصون تبيان لكلّ شيء.
4. حسام الحرمين على منحر الكفر والمين.
5. فتاوى الحرمين برجف ندوة المين.
6. المعتمد المستند على المعتقد المنتقد.
7. جدّ الممتار على ردّ المحتار.
8. إقامة القيامة على طاعن القيام لنبيّ تهامة.
9. الزبدة الزكيّة لتحريم سجود التحيّة.
10. الفضل الموهبي في معنى إذا صحّ الحديث فهو مذهبي.
وغيرها العشرات من الكتب الهامة...
غربت هذه الشمس الساطعة للعلوم والحِكم في ٢٥ صفر عام ١٣٤٠هـ/١٩٢١م وقت صلاة الجمعة أثناء قول المؤذن: "حي على الفلاح" ببلدة "بريلي" ولقد صدق من قال: "موت العالِم موت العالَم" ولكن هذا المرتحل لم يكن عالماً فقط بل كان عبقريّ الإسلام وإمام أهل السنة والجماعة، فترك فراغاً لا يملأ، ويستمرّ الفراغ إلى الآن وخصوصاً في شبه القارة الهندية التي تحتاج في كل عصر لأمثاله فرحمه الله تعالى رحمةً واسعةً..
#محمدحمزة ياقتي ..
كان الله له وعفا عنه
0 تبصرے
اپنا کمینٹ یہاں لکھیں